أصدر الوزير الأول أحمد أويحيى تعليمة كتابية، وجهها لكل القطاعات الوزارية والمصالح ذات الصلة ببرامج الحكومة التنموية، يأمر فيها وزراءه بالحرص على عقلنة تسيير البرامج العمومية وترشيد صرف الأموال العمومية، من خلال اعتماد دراسات جادة وتفادي إعادة تقييم المشاريع التي عادة ما تكلف الحكومة أغلفة مالية إضافية.
وحسب مضمون التعليمة رقم 2 المؤرخة في 22 من شهر جوان الماضي، فإن أعضاء الحكومة مطالبون بتوخي الحذر في صرف الأغلفة المالية المخصصة لقطاعاتهم برسم برامج الاستثمارات العمومية للخماسي القادم من خلال عقلنة وترشيد تسيير برامج الاستثمارات العمومية، التي خصصت لها الدولة 286 مليار دولار، وتركز التعليمة على ضرورة عقلنة وترشيد التسيير لتفادي الوقوع في مصاريف إضافية أو تكميلية مثلما حدث مع عدد من المشاريع في قطاعات مختلفة، كما تشدد التعليمة على ضرورة الاستغلال العقلاني للوسائل المادية التي تخصص لإنجاز المشاريع العمومية.
تعليمة أويحيى الصادرة قبيل الشروع في العمل بأحكام قانون تنظيم الصفقات العمومية الجديد الذي صادق عليه مجلس الوزراء أمس، والذي يعطي الأولوية للمشاريع الوطنية في مشاريع البرنامج الخماسي، ترمي الى سد سلسلة من الثغرات القانونية التي سمحت ببعض التسربات والإفراط في استغلال الوسائل العمومية، لأغراض شخصية. أما من الناحية التقنية فيرمي أويحيى إلى إضفاء أكبر قدر من الجدية والحزم على عمليات إنجاز المشاريع العمومية في جميع مراحلها، خاصة في مرحلة الدراسات التي تعد الأهم على اعتبار أن ميزانية المشروع تحدد على أساسها غلاف مالي بحجم 286 مليار دولار أو 21214 مليار دينار يستحق الحذر والدعوة إلى ترشيد صرفه، وذلك لاستكمال المشاريع الكبرى الجاري إنجازها على الخصوص في قطاعات السكة الحديدية والطرق والمياه وإطلاق مشاريع جديدة، وإنجاز مليوني وحدة سكنية منها 1.2 مليون وحدة يتم تسليمها خلال الفترة الخماسية ومواصلة توسيع وتحديث شبكة الطرقات ورفع قدرات الموانئ، وكلها مشاريع ذات علاقة مباشرة بتحسين مستوى معيشة المواطن، ويقول الرئيس بوتفليقة إن إنجازها في مأمن من الاختلاسات سيؤدي إلى التفاف شعبي كبير حولها.
تعليمة أويحيى للوزراء لترشيد وعقلنة تسيير الاستثمارات العمومية، سبقتها تعليمة أخرى وصلت أعضاء الحكومة وولاة الجمهورية، تضمنت أوامر صريحة بتكثيف العمل لشرح محتوى المخطط الخماسي، وما يحمله من مشاريع تنموية كبرى واستثمارات عمومية قبيل الإطلاق في تجسيده.
تعليمات الوزير الأول للوزراء والولاة تندرج في سياق تطبيق توصيات رئيس الجمهورية الصادرة في مجلس الوزراء ما قبل الأخير المنعقد في 24 ماي الماضي والذي شدد خلاله على ضرورة تولي الجهاز التنفيذي وولاة الجمهورية والمسؤولين المحليين مهمة شرح محتوى برنامج المخطط الخماسي والمشاريع الجاري إنجازها على مستوى كل ولاية من ولايات الجمهورية.
تعليمة أويحيى لترشيد النفقات وعقلنة تسيير برنامج الاستثمارات العمومية المدعم بغلاف مالي ضخم يعد استثنائيا بالنظر لحجمه، تعد احترازية ووقائية من أي اختلاسات أو تصرفات مشبوهة تسمح بالحديث عن الفساد، كما أن أوامر الرئيس التي ترجمتها ميدانيا تعليمة الوزير الأول والمتعلقة بشرح مضمون البرنامج الخماسي على المستوى الشعبي، تعد الثانية من نوعها بعد تلك التعليمة التي سبق لعبد العزيز بلخادم أن وجهها للوزراء أيام كان على رأس الحكومة وهي التعليمة التي تضمنت على الخصوص ضرورة نزول وزير الداخلية للولايات لتقييم مستوى إنجاز المشاريع والوقوف على الصعوبات التي تعترضها، على خلفية أن نزول الوزراء للولايات يحرك السلطات المحلية ويجعلها أكثر اهتماما بانشغالات المواطنين.