قاضي الجماعة السلفية للدعوة والقتال التائب ''أبو العباس'' يعترف : كنت على ضلال ولا جهاد في الجزائر

قلة من المسلحين تحمل عقيدة جهادية وتنتظر فتاوى تحريمه بعد المراجعات
وجه تواتي عثمان، المكنى ''أبو العباس''، القاضي والضابط الشرعي لمنطقة الوسط وعضو مجلس أعيان الجماعة السلفية للدعوة والقتال، نداء للمسلحين في الجبال، طالبا منهم العودة إلى جادة الصواب والالتحاق بمسعى المصالحة الوطنية، على غرار باقي قياديي التنظيم الذين ركبوا قطار التوبة لعدم مشروعية الجهاد بفتاوى العلماء.
تضمن النداء، الذي وجهه قيادي التنظيم ''أبو العباس''، دعوة لمن لا يزالون يتبنون عقيدة ''الجهاد'' المتحصنين في معاقل التنظيم، قائلا حسب النص المؤرخ في 31 ماي المنصرم، بعنوان ''نداء إلى الإخوة''، مستهلا بالآيات القرآنية والأحاديث الدالة على ذلك، بالقول: ''رأيت أن الطريق الذي كنت فيه ليس طريقا صحيحا وغير موصل إلى رضوان الله تعالى''. مضيفا: ''بناء على ما جاء عن العلماء المعتبرين قديما وحديثا من فتاوى في عدم مشروعية الجهاد في بلادنا، وفي عدم جواز الخروج عن أئمة المسلمين''.
ووضع ''أبو العباس'' مبادرته في خانة إصلاح ذات البين بين المسلمين باعتباره أفضل الطاعات، مشيرا إلى أن ما وقع في الجزائر باسم ''الجهاد'' فتنة من صنع أعداء الدين من يهود ونصارى، فرقوا بين المسلمين، وأعطتهم مصداقية لافتراءاتهم على الإسلام والمسلمين''.
وشدد التائب عثمان تواتي على أن ''الدعوة إلى الله عكس النهج الذي كان عليه بحمل السلاح والخروج عن الحاكم، ولكن الدعوة إلى الله في بلد يدين بالإسلام وحرم علماؤه فتنة الاقتتال لا تتم إلا بالحكمة والموعظة الحسنة، مستشهدا بفتاوى أصدرها علماء كانوا إلى وقت قريب قبل مراجعاتهم من المفتين بالجهاد في أرض الإسلام''، داعيا إخوانه في الجبال: ''أيها الإخوة الأكارم، علينا أن نحاسب أنفسنا وأن نتفقد أحوالنا. فإن الإنسان إذا حاسب نفسه بصدق وتجرد، تبين له الخطأ وبصّره الله عز وجل بخطئه''.
وأضاف: ''أرجو من إخواني مراجعة مسالكهم في الدعوة إلى الله والنظر في عواقب تصرفهم طيلة أعوام عديدة.. وما نتج عن ذلك''، معتبرا ما يحدث من اقتتال في الجزائر باسم الجزائر ''هدية لمن يفترون على الإسلام من يهود ونصارى على أنه دين وحشية وقسوة وعداوة للإنسانية''.
التنظيم يعيش اضطرابا والحياة في الجبال مشقة
وبدا ''أبو العباس'' مرتاحا وفي حالة جيدة عندما قرأ رسالته، وعلامات الرضا بالتوبة تبدو عليه. كما لا تزال ترتسم على التائب ''أبو العباس'' علامات الدهشة من حسن معاملة مصالح الأمن، عكس ما ترسخ في ذهنه خلال أكثـر من 17 سنة من أن يتعرض إلى أسوإ معاملة إذا سلم نفسه، وأنه سيتعرض للتعذيب، وهو الأمر الراسخ في أذهان الباقين في الجبال، برأيه. وبهذا الشأن رد في سؤال لـ''الخبر'' بالقول: ''الصورة التي كانت لدي في حالة تسليم نفسي هي نفسها الصورة الموجودة في مخيلة كل المسلحين. ولم أكن أظن أن الأمن والمخابرات بهذه الأخلاق الحسنة والمعاملة الطيبة، بل وأكثـرهم يؤدون الصلاة ويعرفون الله. فعلى المترددين خوفا من أي أذى أن ينزلوا ولن يلحق بهم أي مكروه''.
وبخصوص عدد من ينتظرون الاستفادة من المصالحة، قال: ''إن المترددين والمرتابين منهم من يخشى سوء المعاملة والقلة ممن يحملون عقيدة الجهاد ينتظرون فتاوى علماء الدين الذين أفتوا بمشروعية الجهاد في السابق ثم صححوا فتاويهم بعد المراجعات، وهؤلاء يمكنهم بدليل الكتاب والسنة أن يقنعوا من لا يزال يحمل قناعة الجهاد الخاطئة، لأن لأقوال هؤلاء العلماء الأثـر الكبير في تصحيح عقيدة خاطئة''.
وعن الوضع في معاقل التنظيم في الجبال، قال إنه مشقة وخوف دائم. أما العيش بين أحضان الأبناء والأقارب فليس ما هناك أحسن منه. مجيبا عن سؤال حول وضع التنظيم بالقول: ''الجماعة تعيش اضطرابات خلال المرحلة الأخيرة''، وهو ما يتطابق مع تصريحات تائبين سابقين كان آخرهم التائب ''عبد الجبار'' أمير كتيبة الفاروق الذي أعطى سنتين كآخر مدة تبقت في حياة التنظيم بسبب اللاانضباط والمعارضة الداخلية وتراجع القناعة الجهادية. ومن جهته، وعد التائب ''مصعب'' واسمه الحقيقي سمير سعيود، وهو جالس إلى جانب أبو العباس، أمس، في مكان إقامته، بإعادة من تبقوا في الجبال إلى جادة الصواب، مرددا عبارة: ''مثلما كنا سببا في صعودهم إلى الجبال سنكون سببا في نزولهم والتحاقهم بالمصالحة''. وفي معرض حديثه وجه نداء لعلماء الأمة من المفتين بشرعية الجهاد قبل المراجعات أن يتوجهوا إلى المسلحين، ملمحا إلى بعض العلماء كعبد القادر بن عبد العزيز، منظر القاعدة الذي تراجع عن فتاوى مشروعية الجهاد في أرض الإسلام، فهو - حسب التائب مصعب - عالم له مصداقيته لدى المسلحين. كما طالب قيادة الجماعة الليبية ومنظريهم من العلماء مثل خضير الخضر وناصر الفهد بتوجيه رسائل لإرجاع من تبقوا في الجبال إلى جادة الصواب.
ويرجح أن يكون التائب سمير سعيود المكنى ''مصعب'' مسؤول العلاقات الداخلية والخارجية للتنظيم سابقا قبل ثلاث سنوات، واحدا ممن ساهموا في إقناع ''أبو العباس''. س. ر